10 سنين ثورة
" التعلم في الصغر كالنقش على الحجر"
بانطلاق ثورة يناير كان عمري 11 سنة, تكوين وعيي وأفكاري كان منغمس كله في أحداث الثورة والتبعات السياسية ورؤيتي للأمور ومتابعتي لكل مظاهر الاخلاص والغش, القتل والتضحية, وكل شئ وعكسه في البلد شكل في وجداني مبادئ تكونت بعد بزوغ أسئلة عن جذور الحق وكيفية تطبيقه وعن ازاى نقدر نحلم بوطن أفضل يساع الكل قبل أى شئ, ازاى نقدر نتبني الأفكار ونستخدمها ونطبقها من غير استقطاب شعبي ورفض طوائف ان شالله حتى لو بيكفرونا, الموضوع مكانش مجرد تفكير سلمي في ازاى نقدر نشيل نظام ونلغي توريث ونركب مكانها ديموقراطية حقيقية ونعيش الحلم الأمريكي, اللى متصدرلنا في الشاشات, هنا في مصر. الموضوع كان تغيير ثقافة المجتمع وتمكين الناس من انها تاخد قراراتها بعقولها وانها ترسم طريق لحياتها مع وضع اعتبار لاخوانهم في الوطن ايا كان مرجعهم, تفكيرهم السياسي او اعتقادهم الديني. وضع أفكار زى دي في عقل طفل بيخليه أكثر تسامح مع اى اختلاف جذري يشوفه ويلاحظه, بيخليه يقدر يتبني فكرة وبعد سنين من الايمان بيها يكتشف انه لا الفكرة محتاجة تعديل ومحتاجه نراجع جذورها عشان الايمان مبيجيش بالتواتر والاقاويل والتبعية لافكار الاخرين, الايمان بييجي بموافقة ضميرك ومبادئك وافكارك وبينبع من جواك انت. الثقافة اللى اخدتها من الثورة وتبعياتها خلتني بعد الانفتاح التكنولوجي وخلط كل البيئات الاقتصادية وكل المعتقدات الفكرية والفوارق اللى شفناها نحن الطبقة المتوسطة ,أو الفقيرة بعد التعويم, بيننا وبين ناس تانية ربما بسيطة ولم تحقق انجازات تذكر في دول عالم اول. وبالطبع الفوارق بيننا وبين اخواتنا في الدول العربية المجاورة اللى حتى أسقف بيوتهم اتهدوا عليهم. رؤية الاختلافات دي من الطبيعي انه يشكك الانسان وخصوصا المراهق في سني بعد الثورة في كل القواعد والمبادئ اللى اتعلمها في البيت والمدرسة وتشكك في ايمانه بربه حتى. الثبات على المبادئ وارجاع الأمور لأصولها زى ما الثورة علمتني هو اللى خلاني في وسط كل الكلام ده اعيد تفكيري واجدد نيتي وايماني بعد اقتناع بقدر الله وحكمته سبحانه وتعالى وازاى ان البكاء على الاطلال او التشكيك في قدراتنا لا بيقدم ولا بيأخر وهو ده السبب اننا كدول عربية ومصر خصوصا واقفين محلك سر في وسط كل الثورات الصناعية والتكنولوجية وغيرهم. الثورة جت تهد الأصنام اللى بنحطها ونعبدها من دون الله, جت تهد في ثوابت الحاكم الاوحد والشخص اللى هيقررلك حياتك من يوم ميلادك ليوم موتك ولا يمكن الخروج عليه ولا يمكن استبداله, ومن ثم زرع الأفكار دي لتطبيقها على كل ثوابت حياتك, الثورة سياسية طبعا ولكن تبعاتها علينا في كل المجالات, تبعات اقتصادية ودينية وثقافية وفي كل الاحوال. هل انت واثق في أرائك وثوابتك اللى اتولدت عليها؟ البحث في الأمور يجعلك سياسي افضل واقتصادي افضل وشخص افضل وفوق كل ذلك مؤمن بحق.
لا أقصد خلط الدين بالسياسة وما الى ذلك, ولكن في البداية والنهاية ماهو الايمان؟ وكيف أراد الله ورسوله منا ان نؤمن؟ التفكير العقلاني ووضع المسببات فوق الاسباب والترتيب المنطقي للوصول للامور والبحث والاستقصاء وتمكين الذات والرؤية العقلانية هم من يصلون بنا للوصول الى الله بحق, كما يصلون بنا للحاق بقطار التقدم والعزة والعلم. أما عن الثورة نفسها ف المشاركة في الثورة لم تكن خدمة لاهداف سياسية معينة لنخب أو أحزاب وانما كان لكل شخص رغبته الكامنة وتتفق كل الرغبات الشخصية في مستقبل افضل وفي الحرية والعيش والكرامة والعدالة, مطالب أساسية لأى شخص يريد التطور بل يريد الحياة. الظلم يكفر الشعوب لأنه يجعلهم يكفرون بالنتائج وبالتالي بالأخذ بالاسباب وبالتالي فقد الامل والرغبة في الانتحار, نتحدث عن انتحار شعوب وحضارات وأجيال.
في النهاية, قلنا لا, وفتحنا على نفسنا طريق الخلاص والآلام في آن واحد. بدأت ولن تنتهي الا بانتصار الطرف الأبقى في المعادلة, الشعب. زرعت الثورة بداخلنا نحن الاجيال الصغيرة,حينها, أحلام وأفكار ومبادئ لا تموت الا بموتنا. ومن أجل كل هذا, نكرس باقي حياتنا لأجل القضية احتسابا لله وللوطن وللأجيال التى خلفنا كما فعل معنا من قبلنا.
Comments
Post a Comment